الأقسام: تجارة وأعمال

صناعة الطيران في مصر.. انتعاشة مثيرة للإعجاب وسط تحديات عالمية

القاهرة ()- أظهر سوق الطيران في مصر انتعاشًا غير متوقع ولكنه مثير للإعجاب في السنوات الأخيرة؛ حيث وضع نفسه كلاعب رئيسي في الشرق الأوسط. ومع ذلك، وعلى الرغم من النمو الكبير، لا تزال صناعة الطيران المحلية تواجه تحديات بسبب المنافسة المتزايدة والخسائر المالية.

في هذا المشهد المتطور، وفقا لمقال جون جرانت، شريك في شركة الاستشارات البريطانية ميداس للطيران، بموقع ، يكمن السؤال الحاسم لمستقبل الطيران في مصر، في ما إذا كانت شركات الطيران قادرة على التغلب على هذه التحديات والاستفادة من السوق السعودية المزدهرة.

انتعاش قوي وسط التحديات

على الرغم من تصنيفها كجزء من شمال إفريقيا من قبل اتحاد النقل الجوي الدولي (IATA)، فقد كانت مصر تُعد تاريخيًا بوابة حيوية للشرق الأوسط. وقد وضع هذا الموقع الاستراتيجي سوق الطيران في البلاد في وضع يسمح لها بالاستفادة من اتصالها، خاصة مع تعافي السفر العالمي بعد الوباء.

على مدى السنوات العشرين الماضية، تضاعفت سعة الطيران في مصر ثلاث مرات، مع زيادة بنسبة 43% في توفر المقاعد منذ الوباء. في الواقع، برزت مصر كرابع أكبر سوق للطيران في الشرق الأوسط، بعد المراكز الرئيسية في دبي والدوحة والمملكة العربية السعودية.

اعتبارًا من عام 2024، تعمل 61 شركة طيران مجدولة في مصر، وهي زيادة كبيرة من 46 في عام 2019، مما يشير إلى التعافي السريع للبلاد.

ومع ذلك، فإن هذا التعافي يأتي مع مجموعة من العقبات الخاصة به. على الرغم من زيادة السعة، كافحت مصر لترجمة هذا النمو إلى حجوزات ركاب أعلى. كانت شركات الطيران المصرية، مثل مصر للطيران، تكافح الخسائر المالية منذ عام 2016، حتى مع انتعاش السوق.

تظل مصر للطيران، شركة الطيران الوطنية، غير مربحة، ومن المرجح أن تعكس منافستها، إير كايرو، هذا الأداء. بشكل جماعي، أضافت شركات الطيران المصرية 1.5 مليون مقعد منذ عام 2019، لكن الزيادة بنسبة 28٪ في حجوزات الركاب أقل من ارتفاع بنسبة 43٪ في السعة المتاحة، مما أدى إلى ضائقة مالية.

أقرا أيضا..

المنافسة المتنامية وتأثيرها

إن تدفق شركات الطيران الدولية إلى مصر، بما في ذلك شركات بارزة مثل فلاي أديل وإيبيريا، يزيد من حدة المنافسة. فقد أضافت فلاي أديل، شركة الطيران منخفضة التكلفة السعودية، ما يقرب من 400 ألف مقعد سنويًا منذ إنشائها في عام 2022، في حين تشير عودة إيبيريا ولوت بولندية إيرلاينز إلى السوق المصرية إلى الثقة في التعافي.

في حين أن هذه التطورات مشجعة للمسافرين، إلا أنها تخلق ضغوطًا كبيرة على شركات الطيران المحلية، التي يجب أن تتنافس ليس فقط على الركاب المحليين ولكن أيضًا على حركة المرور العابرة عبر مطارات مصر الدولية.

وتتفاقم المنافسة بسبب هيمنة شركات الطيران الكبرى مثل طيران الإمارات، التي لا تلبي الطلب المحلي فحسب، بل تجتذب أيضًا جزءًا كبيرًا من حركة المرور المتصلة من وإلى مصر عبر مركزها في دبي. وبالنسبة لشركات الطيران المحلية، مثل مصر للطيران، فإن هذا يخلق بيئة صعبة حيث يصعب تحقيق الربحية بشكل متزايد.

الفرصة السعودية: بوابة مهمة لمصر

إن النمو السريع الذي تشهده المملكة العربية السعودية، والذي تدفعه عوامل مثل زيادة نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع الدخل المتاح، يمثل فرصة كبيرة لشركات الطيران المصرية.

إن توسع المملكة نحو عام 2030 يخلق طرقًا وأسواقًا جديدة تحرص شركات الطيران المحلية والدولية على اغتنامها. وبالنسبة لشركات الطيران المصرية، وخاصة مصر للطيران، قد يكمن مفتاح النجاح في التركيز الاستراتيجي على الطرق الإقليمية بين مصر والمملكة العربية السعودية.

ومن المقرر أن يتوسع قطاع الطيران في المملكة العربية السعودية بشكل كبير، حيث تستعد شركات الطيران الكبرى لتسليم أعداد هائلة من الطائرات في السنوات القادمة. وعلى النقيض من ذلك، تظل خطط توسع مصر للطيران متواضعة، حيث من المقرر تسليم ثماني طائرات بوينج 737 فقط في عام 2025 وعشر طائرات أخرى بحلول عام 2026.

ويخلق هذا التفاوت في نمو الأسطول حاجة ملحة لشركات الطيران المصرية للتحرك بسرعة إذا كانت تريد الاستفادة من الفرص المتاحة في المملكة العربية السعودية.

إن نمو الطرق الإقليمية داخل المملكة العربية السعودية، والذي تغذيته عوامل اقتصادية إيجابية، يوفر أرضًا خصبة لازدهار شركات الطيران المصرية. ومن خلال التركيز على هذه المسارات، تستطيع شركات الطيران المصرية الاستفادة من سوق مربحة حيث لا تزال المنافسة في ازدياد، والآفاق المالية أقوى من السوق المحلية الأكثر تشبعاً.

ضرورة التكيف

إن الفشل في التكيف مع الديناميكيات المتطورة لسوق الطيران ــ وخاصة الضغوط التنافسية من شركات الطيران منخفضة التكلفة مثل رايان إير، وويز إير، وإيزي جيت ــ قد يخلف عواقب مالية وخيمة على شركات الطيران المصرية.

تسعى هذه الشركات بنشاط إلى أسواق جديدة، وفي غياب نهج استراتيجي متين، قد تجد شركات الطيران المحلية في مصر نفسها غير قادرة على استعادة موطئ قدمها المالي.

في حين تكافح سوق الطيران في مصر مع فائض الطاقة الاستيعابية والحجوزات الراكدة، فإنها تواجه لحظة حاسمة في تاريخها.

ستكون السنوات القادمة محورية في تحديد ما إذا كانت شركات الطيران المصرية قادرة على التعامل بنجاح مع التحديات واغتنام الفرص في السوق السعودية سريعة النمو. وإذا لم يحدث ذلك، فقد يكافح قطاع الطيران في مصر لتحقيق الربحية على المدى الطويل، حيث يكافح ضد المنافسة الشرسة والضغوط المالية الداخلية.

لحظة حاسمة لقطاع الطيران في مصر

ستثبت السنوات القليلة القادمة أنها حاسمة لصناعة الطيران في مصر، وخاصة فيما يتعلق بالسوق السعودية المزدهرة. وفي حين أن التحديات كبيرة، فإن الفرص مقنعة بنفس القدر.

يجب على شركات الطيران المحلية في مصر، بقيادة مصر للطيران، أن تتحرك بسرعة لإعادة تنظيم استراتيجياتها والتركيز على الطرق الإقليمية المربحة في المملكة العربية السعودية. وإذا فشلت في القيام بذلك، فقد يكون الطريق أمامها يتميز بعدم الاستقرار المالي المستمر والفرص الضائعة في سوق الطيران العالمية التنافسية بشكل متزايد.